اتفاقيات تجارية تعزز الأسواق واليورو وسط ترقب قرارات الفائدة.

المؤلف: محمد صديق (القاهرة)09.18.2025
اتفاقيات تجارية تعزز الأسواق واليورو وسط ترقب قرارات الفائدة.

شهدت الأسواق المالية العالمية انتعاشًا ملحوظًا وارتفعت قيمة العملة الأوروبية الموحدة (اليورو) اليوم الاثنين، وذلك في أعقاب إبرام اتفاقية تجارية هامة بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. وقد ساهم هذا التطور الإيجابي في تعزيز المعنويات الإيجابية في أوساط المستثمرين، تزامنًا مع أسبوع حافل بالاجتماعات الهامة المتعلقة بالسياسة النقدية، والتي يعقدها كل من مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي وبنك اليابان المركزي.

الاتفاقية المبرمة بين الجانبين الأمريكي والأوروبي تتضمن فرض رسوم جمركية بنسبة خمسة عشر بالمائة (15%) على غالبية السلع والبضائع الأوروبية المستوردة إلى الولايات المتحدة. وتمثل هذه النسبة نصف النسبة التي كانت الإدارة الأمريكية تهدد بفرضها في بادئ الأمر. ويأتي هذا الاتفاق بعد أيام قليلة من توقيع اتفاقية تجارية مماثلة بين الولايات المتحدة واليابان.

وتسعى العديد من الدول جاهدة لإبرام اتفاقيات تجارية قبل حلول الموعد النهائي الذي حدده الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، والمقرر في الأول من شهر أغسطس القادم.

وعلاوة على ذلك، من المقرر أن تستضيف العاصمة السويدية ستوكهولم محادثات رفيعة المستوى بين الولايات المتحدة والصين في وقت لاحق من اليوم الاثنين. وتتزايد التوقعات بأن يتم تمديد الهدنة التجارية المؤقتة بين أكبر اقتصادين في العالم لمدة تسعين (90) يومًا إضافية.

ووصف الخبير الاستراتيجي في أسعار الفائدة لدى مؤسسة "تي دي سيكيوريتيز" في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، براشانت نيوناها، الاتفاقية التجارية المبرمة بأنها تمثل نصرًا كبيرًا للولايات المتحدة، وأشار إلى أن نسبة الرسوم الجمركية المتفق عليها (15%)، بالإضافة إلى التزام الدول الأوروبية بشراء الطاقة والمعدات العسكرية الأمريكية دون فرض رسوم انتقامية، يعكس مهارة الجانب الأمريكي في إدارة المفاوضات.

وعلى صعيد أداء الأسواق المالية، قفزت العقود الآجلة الأوروبية بنسبة تفوق الواحد بالمائة (1%)، في حين ارتفعت العقود الآجلة لمؤشر S&P 500 بنسبة تقدر بنحو نصف بالمائة (0.5%)، ومؤشر ناسداك بنسبة بلغت 0.6%. وشهد اليورو أيضًا صعودًا ملحوظًا مقابل الدولار الأمريكي والجنيه الإسترليني والين الياباني.

ومع ذلك، حذر الخبير الاستراتيجي المتخصص في شؤون العملات في بنك سنغافورة، سيم موه سيونغ، من الإفراط في التفاؤل، مشيرًا إلى أن الأسواق قد استوعبت بالفعل الكثير من الأخبار الإيجابية.

وارتفع مؤشر MSCI لأسهم منطقة آسيا والمحيط الهادئ (باستثناء اليابان) بنسبة طفيفة بلغت 0.32%، ليقترب بذلك من أعلى مستوى له منذ أربع سنوات، في حين تراجع مؤشر نيكاي الياباني بنسبة واحد بالمائة (1%)، بعد أن سجل أعلى مستوى له خلال العام الجاري.

وعلى الرغم من أن نسبة الرسوم الجمركية المتفق عليها (15%) لا تزال تعتبر مرتفعة مقارنة بتطلعات الدول الأوروبية إلى التوصل إلى اتفاقية تجارية خالية من الرسوم الجمركية، إلا أنها تبقى أقل بكثير من التهديد السابق بفرض رسوم بنسبة ثلاثين بالمائة (30%)، الأمر الذي يوفر قدرًا من الوضوح واليقين للشركات والمؤسسات التجارية، ويجنب تصعيد حرب تجارية محتملة بين الحليفين اللذين يمثلان معًا ما يقارب ثلث حجم التجارة العالمية.

وأشار مارك فيلان، رئيس قسم الاستثمارات في شركة "لوسيرن لإدارة الأصول" في سنغافورة، إلى أن هذه الاتفاقية تزيل العديد من المخاطر الكبيرة، وتعكس حالة من الاستقرار والتوقع في السياسة التجارية. وأضاف أن تأجيل المحادثات مع الصين يعكس اتباع نهج دبلوماسي مدروس وعقلاني، بدلًا من اللجوء إلى المواجهة المباشرة.

وفي الأسواق الآسيوية، تباطأت مكاسب أسهم الشركات الصينية الرائدة، في حين ارتفع مؤشر هانغ سنغ في هونغ كونغ بنسبة بلغت 0.5%. واستقر الدولار الأسترالي، الذي يعتبر مؤشرًا على الإقبال على المخاطرة، عند مستوى 0.657 دولار، وهو قريب من أعلى مستوى له في ثمانية أشهر.

ووفقًا لوكالة "رويترز" الإخبارية، يتطلع المستثمرون في الأسواق المالية إلى نتائج اجتماعات السياسة النقدية التي يعقدها كل من مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي وبنك اليابان المركزي، بالإضافة إلى تقرير الوظائف الأمريكي الشهري، وإعلانات أرباح الشركات الكبرى مثل آبل ومايكروسوفت وأمازون.

ويترقب المحللون أن يحافظ كلا البنكين المركزيين على أسعار الفائدة الحالية، إلا أن تصريحات المسؤولين ستكون حاسمة لفهم المسار المستقبلي لأسعار الفائدة.

وقد فتح الاتفاق التجاري مع اليابان الباب أمام بنك اليابان المركزي لإمكانية رفع أسعار الفائدة مرة أخرى خلال العام الجاري، في حين من المرجح أن يظل مجلس الاحتياطي الفيدرالي حذرًا بشأن خفض أسعار الفائدة، حيث يسعى المسؤولون إلى تقييم دقيق لتأثير الرسوم الجمركية على معدلات التضخم.

وتصاعدت حدة التوترات بين البيت الأبيض ومجلس الاحتياطي الفيدرالي، حيث ينتقد الرئيس الأمريكي دونالد ترمب رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول باستمرار لعدم قيامه بخفض أسعار الفائدة.

وفي سوق السلع، ارتفعت أسعار النفط في أعقاب الإعلان عن الاتفاقية التجارية الأمريكية الأوروبية. وزادت العقود الآجلة لخام برنت وخام غرب تكساس الوسيط بنسبة بلغت 0.5%. وفي المقابل، انخفضت أسعار الذهب إلى أدنى مستوى لها في أسبوعين، مع تراجع الطلب على الأصول الآمنة.

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة